الآثار الإيمانية لأسماء الله وصفاته (3)

اسمي الله (الرحمن الرحيم)

الآثار الإيمانية لأسماء الله وصفاته

معناهما - الفرق بينهما - مكانتهما - إثبات صفة الرحمة وبيان أنواعها - خصائص الرحمة وآثارها وصورها - الآثار الإيمانية لاسمي الرحمن الرحيم -كيف نتعرّض للرحمات - الدعاء بالرحمن الرحيم - التسمية باسمي الرحمن الرحيم

- مقدمة: الرحمن الرحيم، اسمان كريمان من أسماء الله الحسنى لهما منزلة رفيعة ومكانة عظيمة، والرحمة صفةٌ من صفاته العُلا، وهي صفة حقيقية تليق بجلاله سبحانه وتعالى، امتلأ الكونُ بها امتلاء الجوِّ بهوائه والبحر بمائه؛ وما مِن نعمةٍ وُجِدتْ، وما من نقمةٍ دُفعت إلا من آثار رحمته، فكل رحمةٍ في كلّ مخلوق إلا وهي من آثار رحمة الله.

أولا: معنى الرحمن الرحيم

أ- المعنى في اللغة:

تدور مادّة (ر ح م) حول معنى الرّقّة والعطف والرّأفة؛ يقول ابن فارس: الرحمة: هي الرِّقة والعطف والرأفة، يقال: رَحِمَه يرحمُه إذا رَقَّ له وتعطفَّ عليه.(1)

لذلك قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في معنى (الرحمن الرحيم): هما اسمان رقيقان أحدهما أرَقُّ من الآخر.أي أكثرُ رحمة.(2)

ب- المعنى في الشرع

الرحمن الرحيم: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشدّ مبالغة من رحيم، لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى غالبا.

والرحمن: يجمع كل معاني الرحمة من الرأفة والشفقة والحنان واللطف والعطف(3)، فهو ذو الرحمة الذي لا نظير له فيها، وهو ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معاشهم ومصالحهم.

وهو الرحيم: بعباده المؤمنين بأن هداهم إلى الإيمان وهو يثيبهم في الآخرة الثواب الدائم الذي لا ينقطع.(4)

ج - الفرق بين الاسمين

 فرّق بعض أهل العلم بين هذين الاسمين الكريمين بالفروق التالية:

أولًا: أن اسم (الرحمن): هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة.قال تعالى فيما نقل من كلام ملائكته: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7]، فرحمتُه سبحانه وَسِعتِ الإنسَ والجنَّ والدوابَّ، بل وَسِعت أهلَ الأرض والسموات.

وهذه هي الرحمةُ العامة التي تشمل جميعَ المخلوقات حتى الكفار؛ لأن اللهَ قرَن الرحمةَ هذه مع العلم، فكلُّ ما بلغه علمُ الله -وعلمُ اللهِ بالغٌ كل شيء- فقد بلغته رحمتُه.(5)

وأما اسم (الرحيم): فهو ذو الرحمة للمؤمنين كما في قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43].ووجهُ الاستدلال من هذه الآية تقديمُ المعمولِ؛ فإنه يدلُّ على الحصر؛ أي: كان بالمؤمنين لا غيرهم رحيمًا.(6)

ثانيًا: أن اسم (الرحمن) دال على الرحمة الذاتية، و(الرحيم) دال على الرحمة الفعلية.

قال ابن القيم: الرحمنُ دالٌّ على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دالٌّ على تعلقها بالمرحوم، فالأول دالٌّ أن الرحمة صفتُه، والثاني دالٌّ على أنه يرحم خلقه برحمته، وإذا أردتَ فهْمَ هذا فتأمل قوله: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} و {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}، ولم يجيء قط (رحمن بهم) فعُلِمَ أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة، والرحيم هو الراحم برحمته.(7)

ثالثًا: اسم (الرحمن) من الأسماء التي لا يجوز للمخلوق أن يتسمى بها بخلاف (رحيم)

قال القرطبي: أكثر العلماء على أن" الرحمن" مختص بالله عز وجل، لا يجوز أن يسمى به غيره، ألا تراه قال: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] فعادل الاسم الذي لا يشركه فيه غيره.وقد تجاسر مسيلمةُ الكذاب لعنه اللهُ فتسمَّى برحمان اليمامة، ولم يتسم به حتى قرع مسامعَه نعتُ الكذاب، فألزمه الله تعالى نعت الكذاب لذلك، وإن كان كل كافر كاذبا، فقد صار هذا الوصف لمسيلمة علما يُعرف به، ألزمه الله إياه.(8)

ثانيا: مكانة اسمي الرحمن الرحيم

هما اسمان جليلان كثر ورودهما في القرآن الكريم، فقد ذُكر اسم الله الرحمن في القرآن الكريم سبعًا وخمسين مرةً(9)، وورد اسم الله الرحيم مئةً وأربعة عشر مرةً، وما ذلك العدد إلّا تأكيدًا على اتصاف الله بالرحمة، واتساع رحمته بعباده؛ ولهذين الاسمين شأن كبير و مكانة عظيمة منها أنهما:

- الاسمان اللذان افتتح اللهُ بهما أمّ القرآن وجعلهما عنوان ما أنزله من الهُدَى والبيان

- وافتتح بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتبَه إلى الملوك والعظماء لدعوتم إلى الإسلام

- وافتتح بها نبيُّ الله سليمان عليه السلام كتابَه الذي أرسله إلى ملكة سبأ يدعوها إلى الإسلام

- و كان جبريل عليه السلام ينزل بها على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند افتتاح كل سورة من القرآن

- وبهما تفتتح جُلّ الأعمال الصالحة

ثالثا: إثبات صفة الرحمة لله رب العالمين

صفة (الرحمة) من الصفات الثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة.وهي صفة كمال لائقة بذاته سبحانه كسائر الصفات، لا يجوز نفيها أو تأويلها أو تحريفها أو تقويض معناها أو تكييفها كما هو مقرر في مذهب أهل السنة والجماعة في جميع الصفات.

أ - أنواع الرحمة المضافة لله تعالى

والرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:

الأول: رحمة ذاتية موصوف بها سبحانه على الوجه اللائق به سبحانه كسائر صفاته، يجب إثباتها لله - عز وجل - من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.كما قال سبحانه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، وقوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ} [الأنعام: 133].

الثاني: رحمة مخلوقة أنزل الله عز وجل منها رحمةً واحدة يتراحم بها الخلائق وأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة يرحم الله بها عباده يوم القيامة كما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).(10)

وهذه الرحمة من باب إضافة المفعول إلى فاعله، وهذه الرحمة ليست صفة لله تعالى، بل هي من أثر رحمته التي هي صفته الذاتية الفعلية.(11)

ب- أنواع رحمة الله لعباده

رحمة الله عز وجل لعباده نوعان: الأولى رحمة عامة:

وهي لجميع الخلائق بإيجادهم، وتربيتهم، ورزقهم، وإمدادهم بالنعم والعطايا، وتصحيح أبدانهم، وتسخير المخلوقات من نبات وحيوان وجماد في طعامهم وشرابهم، ومساكنهم، ولباسهم، ونومهم، وحركاتهم، وسكناتهم، وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى.

قال الله - عز وجل -: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7]

الثانية رحمة خاصة:

وهذه الرحمة لا تكون إلا للمؤمنين فيرحمهم الله - عز وجل - في الدنيا بتوفيقهم إلى الهداية والصراط المستقيم، ويثيبهم عليه، ويدافع عنهم وينصرهم على الكافرين ويرزقهم الحياة الطيبة ويبارك لهم فيما أعطاهم، ويمدهم بالصبر واليقين عند المصائب ويغفر لهم ذنوبهم ويكفرها بالمصائب ويرحمهم في الآخرة بالعفو عن سيئاتهم والرضا عنهم والإنعام عليهم بدخولهم الجنة ونجاتهم من عذابه - عز وجل - ونقمته.وهذه الرحمة هي التي جاء ذكرها في قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43].(12)

رابعا: خصائص وآثار رحمة الله تعالى في خلقه وشرعه

يقول الإمام ابن القيم: لو تأملتَ العالَم بعين البصيرة لرأيتَه ممتلئا برحمة الله تعالى كامتلاءِ البحر بمائه والجوِّ بهوائه.(13) وإليك بعض خصائصها وآثارها:

1- رحمة الله واسعة لا تخطر ببال

قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] أي: من العالم العلوي والسفلي، البر والفاجر، المؤمن والكافر، فلا مخلوق إلا وقد وصلت إليه رحمة الله، وغمره فضله وإحسانه.(14)

قال الحسنُ وقتادةُ: في قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} قالا: وسعت في الدنيا البر والفاجر، وهي يوم القيامة للذين اتقوا خاصة.(15)

2- ورحمته سبحانه سبقت غضبه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي).(16)

قال ابن القيم: هذا الكتاب العظيم الشأن كالعهد منه سبحانه للخليقة كلها بالرحمة لهم، والعفو والصفح عنهم، والمغفرة والتجاوز والستر والإمهال والحلم والأناة، فكان قيام العالم العلوي والسفلي بمضمون هذا الكتاب، الذي لولاه لكان للخلق شأن آخر، ولولا ذلك لخرب العالم، وسقطت السموات على الأرض، وخرَّت الجبال.(17)

3- رحمته غير منحصرة بمكان ولا زمان

هناك فرقٌ بين اتصاف الله بالرحمة، واتصاف عباده بها، فالله الكامل الذي تجلّى الكمال في رحمته، بخلاف صفة الرحمة في عباده، والتي يعتريها النقص والعجز، فشملت رحمته كلّ ما خلق من الإنس والجنّ، والحيوان، والملائكة، وغيرها ممّا خلق،

ورحمة الله لا تعزّ على طالب في أي مكان ولا في أي حال.

- وجدها إبراهيم عليه السلام - في النار.

- ووجدها يوسف - عليه السلام - في الجب كما وجدها في السجن.

- ووجدها يونس - عليه السلام - في بطن الحوت في ظلمات ثلاث.

- ووجدها موسى عليه السلام - في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة، كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه.

- ووجدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الآثار.

- ووجدها كل من آوى إليها يأسًا من كل ما سواها، منقطعًا عن كل شبهة في قوة، وعن كل مظنة في رحمة، قاصدًا باب الله وحده دون الأبواب.(18)

5- رحمته تتجاوز الأجيال

ومن رحمته أن رحمته لا تقتصر على المؤمنين؛ بل تشمل ذريتهم من بعدهم تكريما لهم(19)، كما قال تعالى في نبأ الخضر مع موسى {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82]

قال جعفر بن محمد: كان بينهما وبين الأب الذي حُفِظا به سبعة آباء.(20)

6- الرحمة تقتضي الحزم لا الإهمال

من خصائص رحمته سبحانه أنه يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه، قال ابن القيّم: الرحمة صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد، وإن كرهَتْها نفسُه، وشقت عليها.فهذه هي الرحمة الحقيقية فأرحم الناس بك مَن شقَّ عليك في إيصال مصالحك، ودفْعِ المضار عنك.

فمن رحمة الأب بولده: أن يُكرهه على التأدب بالعلم والعمل، ويشق عليه في ذلك

بالضرب وغيره، ويمنعه شهواته التي تعود عليه بالضرر، ومتى أهمل من ولده كان لقلة رحمته به، وإن ظن أنه يرحمه ويُريحه.فهذه رحمة مقرونة بجهل، كرحمة الأم.

ولهذا كان من إتمام رحمة أرحم الراحمين: تسليط أنواع البلاء على العبد، فإنه أعلم بمصلحته، فابتلاؤه له وامتحانه ومنعه من كثير من أعراضه وشهواته: من رحمته به ولكنَّ العبدَ لجهله وظلمه يتهم ربَّه بابتلائه، ولا يعلم إحسانَه إليه بابتلائه وامتحانه.(21)

لذلك كان أشد الناس بلاء وأعظمهم صبرا عليه الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟، فَقَالَ: (الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ).(22)

فليس المراد بالابتلاء أن يُعَذِّب ولكن يَبتلي لِيُهَذِّب.(23)

خامسا: من صور ومظاهر رحمة الرحمن الرحيم

لو تأملتَ العالَم بعين البصيرة لرأيتَه ممتلئا برحمة الرحمن كامتلاء البحر بمائه والجو بهوائه.(24)

وهذه بعض مظاهر رحمته سبحانه:

1- لم يترك عباده سدى بل أرسل الرسل وأنزل الكتب رحمة منه وفضلا

 أعظم آثار رحمته سبحانه إرساله الرسل وإنزاله الكتب هداية للناس وإخراجًا لهم من الظلمات إلى النور، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]

يقول الإمام ابن القيم: فبرحمته أرسل إلينا رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأنزل علينا كتابه وعصمنا من الجهالة وهدانا من الضلالة وبصَّرنا من العَمى وأرشدنا من الغيّ.(25) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ: (إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً).(26)

2- كل نعمة نراها من آثار رحمته

فالنعم كلها من آثار رحمته سبحانه فهو الرحمن وحده، العطوف على العباد بالإيجاد أولًا، وبالإمداد ثانيًا، وبالهداية إلى الإيمان ثالثًا، وبالإسعاد في الآخرة رابعًا، وبالإنعام بالنظر إلى وجهه خامسًا، وبسماع كلامه سادسًا، وبرضوانه سابعًا.(27)

وتدبَّر سورةَ (الرحمن) من أولها إلى آخرها فإنها عبارة عن شرح وتفصيل لرحمة الله تعالى فكل ما فيها من ضروب المعاني وتصاريف الألوان من رحمة الرحمن.(28)

3- جعل الليل لباسا والنهار معاشا

 وهذا من تقديره سبحانه المحكم رحمةً منه لعباده فالليل رحمة منه للسكن والهدوء، والنهار رحمة منه لطلب المعاش والسير في الأرض وابتغاء فضله، قال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 73]

4- إنزال المطر وإحياء الأرض

 ومن آثار رحمته سبحانه إنزال الماء ليحيي به جميع الموات والأرض، وأيضا آية على إحياء موات الإنسان بعد أن يموت، قال تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم: 50]

وعَنْ عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اسْتَسْقَى، قَالَ: (اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ).(29)

5- حفظ أوليائه من اتباع الشيطان

ومن رحمته بعباده المؤمنين عدم تسليط الشيطان عليهم رغم محاولات الشيطان وخطواته، فلم يستجيبوا لخطوات الشيطان رحمة منه بهم، قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83]

6- تزكية المؤمنين وتطهيرهم من الذنوب

من رحمته سبحانه بعباده المؤمنين أن زكّاهم وطهرهم من الذنوب والمعاصي، وهذا فضل الله يختص به من شاء، قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21]

7- لا يعاجل بالعقوبة بل يُمهل ويَستر

من رحمته سبحانه أن من استحق العقوبة لا يعاجله بها، بل يمهله لعله يرجع و يرعوي، لكن له أجل معلوم إذا جاء وقته فإنه يقع وحينئذ لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، قال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} [الكهف: 58]

8- فتح باب التوبة وتكفير السيئات

ومن رحمته سبحانه مغفرته لذنوب عباده والصفح عنهم، وتكفير سيئاتهم، وفتح باب التوبة لهم.قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]

يقول الإمام ابن القيم: ومن رحمته أنه يعيذ من سخطه برضاه، ومن عقوبته بعفوه، ومن نفسه بنفسه.(30)

وتتجلى رحمة الله - عز وجل - بعباده التائبين في أجلى صورها فيما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- بفرح الله - عز وجل - بتوبة عبده وقبوله لتوبة التائبين.عن أَنَس بْن مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ).(31)

9- الموت رحمة للمؤمنين

 الموت نهاية الحياة الدنيا، لكنه رحمة للمؤمنين حيث يستريح من نصب الدنيا وعنائها إلى رحمة الله تعالى، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: (مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: (العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ).(32)

10- ومن مظاهر رحمته: ادخار الرحمات العظيمات ليوم يشيب فيه الولدان

أحوج ما يكون الخلق إلى الرحمة في عرصات القيامة حيث الأهوال الشديدة، فعند ذلك تتجلى رحمات الرحمن الرحيم على عباده المؤمنين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).(33)

11- دخول الجنة برحمته

أعظم رحمات الرحمن الرحيم التفضل على عباده المؤمنين بدخول الجنة رحمته وتوفيقه، عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ).قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (لاَ، وَلاَ أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ).(34)

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي).(35)

12- إخراج الموحدين من النار

ومن آثار رحمته سبحانه أن يخرج الموحدين من النار بعد دخولها بسبب ذنوبهم، عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (يُعَذَّبُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ فِي النَّارِ، حَتَّى يَكُونُوا حُمَمًا فِيهَا، ثُمَّ تُدْرِكُهُمُ الرَّحْمَةُ، فَيَخْرُجُونَ، فَيُلْقَوْنَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَرُشُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْمَاءَ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْغُثَاءُ فِي حِمَالَةِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ).(36)

سادسا: الآثار الإيمانية لاسمي الرحمن الرحيم

ما أجمل أن يشهد العبدُ اسمَي الرحمن الرحيم وقد وسع كل شيء رحمة وعلما، فوسعت رحمته كل شيء ووسعت نعمته كلّ حي فبلغت رحمتُه حيث بلغ علمُه، فالرحمة هي السبب المتصل منه بعباده كما أن العبودية هي السبب المتصل منهم به فمنهم إليه العبودية ومنه إليهم الرحمة.(37)

ومن تأمل هذين الاسمين الكريمين أثمر ذلك في قلبه أمورا عظيمة، منها:

الأثر الأول: اليقين التام والتصديق الجازم بصفة الرحمة الكاملة لله تعالى بما يليق به

من أعظم آثار الإيمان بهذَيْنِ الاسمين الكريمين إثباتُ صفةِ الرحمةِ لله جل وعلا: فمن عقيدةِ أهلِ السنة الإيمانُ بالاسم وما دلَّ عليه من الصفات، فأسماؤه سبحانه ليست أعلامًا مجرَّدة، بل هي بدلالتِها على ذاته تعالى أعلامٌ، وبدلالتها على ما تضمَّنَتْه من المعاني أوصافٌ.

وهذا خلافُ ما يَعتقده أهلُ البدع؛ كالمعتزلة الذين يَسلبون عن أسمائه سبحانه ما دلَّت عليه من المعاني والصفات، فيقولون: عليمٌ بلا علمٍ، رحيم بلا رحمة...يقول ابن القيم: أسماءُ الله الحسنى هي أعلامٌ وأوصافٌ، والوصفُ بها لا يُنافي العَلَميَّة، بخلاف أوصافِ العباد فإنها تنافي علميَّتَهم.(38)

فقد يُسمَّى الإنسانُ "عبد اللهِ" وهو من أكفرِ الناس، و" كريم" وهو من أبخلِ الناسِ، ولكنها في حق الله بخلاف ذلك.

الأثر الثاني: المحبة الكاملة لأرحم الراحمين

فقد جبلت النفوس على حبَّ مَن أحسن إليها؛ فإذا علم العبد أن النعم كلها من الله

وحده أحبَّه وأثمرتْ محبتُه آثارها.(39)

وكيف لا يُحب العبدُ مَن أفاض عليه رحمته وعطفه ومنته وفضله ومَن هو أرحم به من أمِّه، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَدِمَ سَبْيٌ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذْ وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ، فَأَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟).فَقُلْنَا: لَا وَاللهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَلهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا).(40)

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ وَمَعَهُ صَبِيٌّ، فَجَعَلَ يَضُمُّهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (أَتَرْحَمُهُ؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَاللهُ أَرْحَمُ بِكَ مِنْكَ بِهِ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).(41)

 وحينما يفكر العبد ويُقلِّب بصره في آثار رحمة الله - عز وجل - في الآفاق، وفي النفس يشاهد نعما لا تُعد ولا تُحصى، وهذا يُثمر تجريد المحبة لله تعالى والعبودية الصادقة له سبحانه وتقديم محبته - عز وجل - على النفس، والأهل، والمال، والناس جميعًا، والمسارعة إلى مرضاته، وفعل كل ما يحبه ويرضاه، عَنْ سَلْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الْأَرْضِ رَحْمَةً، فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ).(42)

الأثر الثالث: فتح باب الرجاء في الله وعدم اليأس والقنوط من رحمته

قال المناوي: مَن عرف سعةَ رحمة الله أثمرت معرفتُه سعةَ الرجاء.(43)

فالرحمة تفتح أبوابَ الأمل والرجاء، وتُعين العبد على القيام بالأعمال الصالحة، وتُشعر المسلم بالأمن والأمان، ومع ذلك فلم يجعل الله في الدنيا إلّا القليل من رحمته، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَوْ تَعْلَمُونَ قَدْرَ رَحْمَةِ اللهِ لَاتَّكَلْتُمْ، وَمَا عَمِلْتُمْ مِنْ عَمَلٍ).(44)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ).(45)

فعندما يعلم العبد قدر رحمة الله وأنها وسعت كل شيء فلن يقنط من رحمته ولن ييأس من روحه، قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]

الأثر الرابع: رحمة الخلق والرفق بهم

على قدر اتصاف العبد بخُلُق الرحمة يرتفع قدرُه عند الله تعالى، ومن وافق الله في صفة من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامه، وأدخلته على ربه، وأدنته منه، وقربته من رحمته، وصيرته محبوبا، فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء..(46) وأرحمُ الخلْقِ بالخلق هم الأنبياء، وأعظمهم رحمةً النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-،، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- أرحم الخلق بالخلق، وسماه ربه رحيما فقال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] فكان -صلى الله عليه وسلم- نموذجا فعليا للرحمة بكل صورها

أبصره الأقرعُ بن حابس يوما يُقَبِّل الحسنَ بن على -رضي الله عنهما- فقال: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ: (مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ).(47)

ولما قدم ناس من الأعراب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالُوا: لَكِنَّا وَاللهِ مَا نُقَبِّلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ).(48)

ومن أعظم مظاهر الرحمة وصورها؛ الرحمةُ بالمخطئين والأخذ بأيديهم نحو الصواب باللطف، والنظر إليهم بعين الرحمة، ومعاملتهم معاملة الرحماء، وتجنب الكبر والازدراء.

فهذا أعرابيٌ ترك الصحراء الواسعة وجاء ليبول في المسجد على مرأى من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فزجره الصحابة وكادوا أن يقعوا به فنهاهم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأحسن إليه وعلمه برفق ورحمة، ثم قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إلى الصلاة وَقام مَعَهُ أصحابه، فَقَالَ الأَعْرَابِي وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا.فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: (لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا). يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ.(49) إنها الرحمة التي أسر بها القلوب ومَلَك بها الأفئدة.

الأثر الخامس: الحياء من الله

إن التأمل في إحسان الله ورحمته يورثُ العبدَ حياءً منه سبحانه وتعالى، فيستحي العبد المؤمن من خالقه أن يعصيَه، ثم إن وقع في الذنب جهلا منه استحيا من الله بعد وقوعه في الذنب، ولذا كان الأنبياء يعتذرون عن الشفاعة للناس بذنوبهم خوفا وخجلا، وإن هذا لأمرٌ قلَّ مَن ينتبه له، بل قد يظن كثير من الناس أن التوبة والعفو قد غمر ذنوبه فلا يلتفت إلى الحياء بعد ذلك.(50) وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ).(51)

وكان الأسود بن يزيد يجتهد في العبادة والصوم حتى يصفر جسده فلما احتُضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ فقال: ما لي لا أجزع، والله لو أُتِيتُ بالمغفرة من الله لأهمني الحياءُ منه مما قد صنعتُ، إن الرجل ليكون بينه وبين رجلٍ آخر الذنبُ الصغيرُ فيعفو عنه فلا يزال مستحييا منه!.(52)

الأثر السادس: الاستغناء بالله وداوم اللجوء إليه عند الضيق والحاجة

استشعار المؤمن سعة رحمة الله يورثه الاستغناء به وحده والإعراض عن كلّ ما سواه ففي رحمته كفايته وقرة عينه، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه- (أَلَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ دَيْنًا لأَدَّى اللهُ عَنْكَ؟، قُلْ يَا مُعَاذُ: اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، تُعْطِيهِمَا مَنْ تَشَاءُ، وَتَمْنَعُ مِنْهُمَا مَنْ تَشَاءُ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ).(53)

سابعا: كيف نحصل رحمة أرحم الراحمين (تعرَّض لرحماته)

إن الواجب على المؤمن إذا علم أن الله سبحانه هو الرحمن الرحيم، أن يتعرض لرحمة ربه، وأن يبذل الأسباب التي تنال بها رحمة الله، لأن الرحمة لها أسباب تُستجلب بها منها:

1- تحقيق الإيمان بالله وإخلاص التوحيد

 إن رحمة الله لا تحصل إلا لمن آمن الإيمان الحقيقي بجميع أركانه الستة: الإيمان بالله، بملائكته، وبكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، قال تعالى: {يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109]

وقال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156]

فمن أعظم أسباب رحمة الله بعبده إقامة التوحيد لله رب العالمين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: أحقُّ الناس برحمة الله: هم أهلُ التوحيد والإخلاص له فكلُّ مَنْ كان أكمل في تحقيق إخلاص " لا إله إلا الله " علما وعقيدة وعملا وبراءة وموالاة ومعاداة: كان أحقَّ بالرحمة.(54)

2- لزوم طاعة الله ورسوله

 كلما كان الإنسان أقرب إِلى الله، طائعًا لله ورسوله، منتهيًا عما نهاه الله ورسوله؛ كلما كان استحقاقه للرحمة أعظم قال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]

وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132]

3- اتباع الكتاب والسنة

 إن اتباع كتاب الله هو الخير كل الخير، ولا يصح اتباع الكتاب إلا باتباع السنة؛ لأنها شارحة ومبينة للكتاب، قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام: 155]

وقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 156، 157]

4- تدبر القرآن

القرآن الكريم كلام الله، كله بركة ورحمة وفضل وكلما اقترب منه العبد كلما حصل له الفضل والبر والرحمة، قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ).(55)

5- الإكثار من التوبة والاستغفار

لأن العبد المؤمن يقع منه الخطأ والزلل فيحتاج دائما إلى أن يكثر من التوبة والاستغفار لتدركه رحمة الله، قال سبحانه: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النمل: 46]

وقال تعالى ذكره: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54]

6- الإحسان إلى الخلق

يقول ابن القيم: أقرب الخلق إلى الله تعالى أعظمهم رأفة ورحمة كما أن أبعدهم منه: من اتصف بضد صفاته.(56) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- عن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ).(57)

قال الطيبي: أتى بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق فيرحم البرَّ والفاجر والناطق والبهم والوحوش والطير.(58)

وعن أُسَامَة بْن زَيْدٍ -رضي الله عنهما- أن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ).(59)

فكن من الرحماء ذوي القلوب الرحيمة الرقيقة الشفيقة، التي تنبض بالإيمان، وتخفق بالرحمة والحنان، فترحم؛ لترحم، وتعطف على المسيئين لها، ليلطف الله بها.

7- الجمع بين الخوف والرجاء في جميع الأحوال والأوقات

إن الخوف من الله مع الرجاء في الله يورثان فضل الله ورحمته وغفرانه، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ، رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا (أي رزقه)، فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حَضَرَته الوَفَاةُ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ، قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ، فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ).(60)

8- سعة العلم مع العمل به

قال ابن القيم: لما كان نصيب كل عبد من الرحمة على قدر نصيبه من الهدى كان أكمل المؤمنين إيمانا أعظمهم رحمة، كما قال تعالى في أصحاب رسوله -صلى الله عليه وسلم-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ على الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].

وكان الصديق -رضي الله عنه- من أرحم الأمة، وكان أعلم الصحابة باتفاق الصحابة، فجمع الله له بين سعة العلم والرحمة؛ وهكذا الرجل كلما اتسع علمه اتسعت رحمته.(61)

ثامنا: الدعاء باسمي الرحمن الرحيم وبصفة الرحمة

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فلَا تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ).(62)

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ).(63)

فاللهم إنا نسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء أنت ترحمنا رحمةً من عندك تغنينا عن رحمة مَن سواك.

تاسعا: التسمية بعبد الرحمن وعبد الرحيم

التسمية بالأسماء التي فيها تعبيد لله تعالى من أفضل الأسماء وأحبها إلى الله تعالى، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (أَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ).(64)

وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ).(65)

---

(1) مقاييس اللغة لابن فارس(2/ 498)

(2)  تفسير البغوي (1/ 51) وتفسير القرطبي (1/ 106)

(3) التوحيد لابن منده (2/ 47)

(4) راجع تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (ص: 28) والأسماء والصفات للبيهقي (1/ 137)

(5) شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 249)

(6) شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 250)

(7) بدائع الفوائد (1/ 24)

(8) تفسير القرطبي (1/ 106)

(9) مفهوم الأسماء والصفات / لسعد عبد الرحمن ندا (45/ 94)

(10) رواه  مسلم (2752)

(11) ولله الأسماء الحسنى- الشيخ الجليل (1/ 96)

(12) ولله الأسماء الحسنى- الشيخ الجليل (1/ 96)

(13) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 371)

(14) تفسير السعدي (ص: 305)

(15) تفسير الطبري (10/ 486)

(16) رواه البخاري (7404) ومسلم (2751)

(17) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 369)

(18) من آثار صفة الرحمة - ماجد الصغير - العقيدة والحياة

(19) هنيئا لمن عرف ربه (ص 24 )

(20) تفسير الطبري (15/ 363)

(21) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 174)

(22) رواه ابن ماجه (4023) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 231)

(23) بدائع الفوائد (3/ 223)

(24) مختصر الصواعق المرسلة  ى (ص: 371) بتصرف

(25) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 368)

(26) رواه مسلم (2599)

(27) موسوعة فقه القلوب للتويجري (3/ 2685)

(28) تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي (ص: 202)

(29) رواه أبو داود (1176) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (4/ 340)

(30) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 369)

(31) رواه البخاري (6309) مسلم (2747)

(32) رواه البخاري (6512) ومسلم (950)

(33) رواه مسلم (2752)

(34) رواه البخاري (5673) ومسلم (2816)

(35) رواه البخاري (4850) ومسلم (2846)

(36) رواه أحمد (3/ 391) والترمذي (2597) وصححه الألباني صحيح الجامع(2/ 1347)    "الغثاء": هو ما يحمله السيل من عيدان وورق وبزور وغيرها، والتقدير هنا: فينبتون كما ينبت ما يحمله الغثاء من بزور في حِمالة السيل، وهي الطمْي الذي يكون على أطراف السيل وجوانبه. تحفة الأحوذي (7/ 273) بتصرف

(37) الصلاة وأحكام تاركها (ص: 143)

(38) بدائع الفوائد (1/ 162)

(39) فيض القدير (6/ 243)

(40)  رواه البخاري (5999) ومسلم (2754)

(41) رواه النسائي في الكبرى (7664) والبخاري في الأدب المفرد (377) وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص: 150)

(42) رواه مسلم (2753)

(43) فيض القدير (6/ 243)

(44) رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن بالله (ص: 73) والبزار كما في  زوائد البزار (4/ 85) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 200)

(45) رواه البخاري (6469) ومسلم (2755)

(46) الداء والدواء (ص: 67)

(47) رواه البخاري (5997) ومسلم(2318)

(48) رواه البخاري (5998) ومسلم (2317) أي لا أقدر أن أجعل في قلوبكم الرحمة إن كان الله تعالى قد نزعها منكم.

(49) رواه البخاري (6010) بنحوه

(50) الموسوعة العقدية - الدرر السنية (2/ 315)

(51) رواه أبو داود (4017) والترمذي (2769) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (6/ 269)

(52) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 103)

(53) رواه الطبراني في المعجم الصغير (558)  والضياء في المختارة (2634) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 360)

(54) مجموع الفتاوى (14/ 414)

(55) رواه مسلم (2699)

(56) الروح (ص: 251)

(57) رواه أبو داود (4941) والترمذي (1924) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 661)

(58) شرح المشكاة للطيبي (10/ 3185)

(59) رواه البخاري (1284) ومسلم (923)

(60) رواه البخاري (3478) ومسلم (2757)

(61) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 173)

(62) رواه أحمد (5/ 42) وأبو داود (5090) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/ 638)

(63) رواه الترمذي (3524) وحسنه الألباني في تخريج الكلم الطيب (ص: 116)

(64) رواه أبو داود (4949) والترمذي (2833) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 95)

(65) رواه البخاري (6186)