المجموعة: رمضان 1439هـ
الزيارات: 11064

الرابحون في رمضان

الرابحون في رمضان

إنَّ السعيدَ مَن اغتنمَ مواسمَ الشهورِ والأيامِ والسَّاعاتِ، وتقرَّبَ فيها إلى مولاهُ بما فيها من وظائفِ الطَّاعاتِ، فعسى أن تصيبَهُ نفْحةٌ من تلكَ النَّفحاتِ، فيسعدُ بها سعادةً يأمَنُ بعدَها من النَّارِ وما فيه من اللَّفَحَاتِ. (1)

قال الحسن البصري: إنَّ اللهَ جعلَ شهرَ رمضانَ مِضمارا لخلْقِه يَسْتَبِقون فيه بطاعته إلى مرضاته فَسَبَقَ قومٌ ففازوا، وتَخلَّف آخرون فخابوا، فالعجبُ مِن اللاعبِ الضَّاحكِ في اليومِ الذي يَفوزُ فيْهِ المُحسِنون ويَخسرُ فيه المُبْطلون. (2)

فمَنْ هُمُ الرَّابحون وما هي صفاتهم، لنكون من الرابحين والفائزين بعفو رب العالمين

الرابحون في رمضان  وصفاتهم

1- الرابحون في رمضان: هم الذين أحسنوا الاستعداد

فعلى قدر ما يَبذل العبدُ من جهد في الاستعداد لرمضان، على قدر ما يكون الفتح والمدد من الرحمن، وبحسب ما غرس في رجب وسقى في شعبان، يكون حصاده في رمضان

ومَنْ زَرَعَ الحُبُوبَ ومَا سَقَاهَا. . . تَأَوَّهَ نادِما يَوم الحصَاد(3)

يقول ابن القيم: حذارِ حذارِ مِن: أن يأتي واجبُ الوقتِ وأنتَ غيرُ مُستعِدٍّ له ومُتهيء لفعله، فتُعاقب بالتثبيط عن فعله والتخذيل عن تحصيله، قال تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ الله إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة: 83]. (4)

فترى المؤمنين متلهفين مشتاقين إلى رمضان، تحِنُّ قلوبهم إلى صوم نهاره، ومكابدة ليله بالقيام والتهجد بين يدي مولاهم، وتراهم يمهدون لاستقبال رمضان بصيام التطوع خاصة في شعبان.

باع قومٌ من السلف جاريةً فلما قرُب شهر رمضان رأتْهم يتأَهَّبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها فسألتهم عن ذلك. فقالوا: نتهيأُ لصيام رمضان. فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان؟ لقد كنت عند قومٍ كلُّ زمانِهم رمضان؛ رُدُّوني عليهم!.

وباع الحسن بن صالح جاريةً له فلما انتصف الليل قامتْ فنادتهم: يا أهلَ الدار الصلاةَ الصلاةَ، قالوا: طلع الفجر؟ قالت: أنتم لا تصلون إلا المكتوبة؟ ثم جاءت الحسن فقالت: بعْتَنِي إلى قوم سوء لا يُصلون إلا المكتوبة ردني ردني، فردَّها. (5)

قال ابن رجب: لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن. (6)

والاستعداد لرمضان يكون بخطوتين:

الأولى: إثارة الشوق، بأن يثور من قلوبنا شوق لأن نستقبل رمضان فنُرحم فيه وتعتق رقابنا من النار.

والثانية بصيرة القلب: لو اشتقت لشممت ريح رمضان عن بُعد كما شمَّ يعقوب ريح يوسف، فلو شممت ريح رمضان ولبست قميصه لعاد قلبك بصيرًا. (7)

قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم.

 وقال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم سلِّمْني إلى رمضان وسَلِّم ليَ رمضانَ وتسلِّمْه مِنِّي مُتقبلا. (8)

2- الرابحون في رمضان: هم المُعظِّمون لحرمة الشهر   المستبشرون  بقدومه

إن تعظيم حرمة شهر رمضان من تعظيم الله تعالى وإجلاله، ويكون ذلك بملازمة طاعة الله واحترام أوامره وامتثالها، ومعرفة نواهيه واجتنابها، وهذا هو طريق الفلاح، وسبيل للنجاح، ودليل على الإيمان، وبرهان على الإحسان، وسبب للغفران، قال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] وقال تعالى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج: 32]

فالمؤمنون يعظمون شهر رمضان ويفرحون بقدومه ويستبشرون ويحمدون الله أن بلَّغهم إياه ويعقدون العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات وأولئك هم الذين يبشَّرون بقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} { يونس: 58 }

قال ابن رجب: بلوغُ شهرِ رمضانَ وصيامُه نعمةٌ عظيمةٌ على مَن أَقْدَرَهُ اللهُ عليه؛ فمن رحم في رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو ملوم. (9)

3- الرابحون في رمضان: هم العالمون بفضائل الشهر

إذا تلمَّحَ العبدُ الأجورَ المترتبة على أعماله خلال شهر رمضان، دفعه ذلك دفعًا إلى اتباع مراضي الله تعالى وعدم التفريط في طاعته، فمعرفة فضائل الشهر وما فيه من الأجور العظيمة لها تأثير كبير في تحصيل الربح في رمضان، قال بشر بن الحارث الحافي: مَن حُرِمَ المعرفةَ لم يَجدْ للطاعةِ حلاوةً، ومَن لم يَعرفْ ثوابَ الأعمالِ ثَقُلَتْ عليه في جميعِ الأَحوال. (10)

وكتبَ إبراهيمُ بنُ أدهمَ إلى سفيانَ الثوريِّ: مَنْ عَرَفَ قدْرَ ما يَطلبُ هانَ عليه ما يَبذَلُ. (11)

وفضائل رمضان كثيرة وعظيمة فينبغي مراجعتها والنظر فيها من الحين إلى الآخر.

ويكفي في معرفة فضائل شهر رمضان حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ). (12)

قال ابن رجب: كيف لا يُبَشَّرُ المؤمنُ بفتحِ أبواب الجنان، كيف لا يُبَشَّرُ المُذنبُ بغلْق أبوابِ النيران، كيف لا يُبَشَّر العاقلُ بوقتٍ يُغلُّ فيه الشياطينُ، فمِنْ أين يُشبِهُ هذا الزمانَ زمانٌ. (13)

4- الرابحون في رمضان: هم المؤمنون المحتسبون

أهلُ الربح في رمضان هم الذين تحققوا بأصلين عظيمين حال قيامهم بالأعمال وهما:

الأصل الأول: هو الإيمان الذي هو مصدر العمل والسبب الباعث عليه.

و الأصل الثاني: هو الاحتساب وهو الغاية التي لأجلها يُوقع العمل ولها يقصد به.

وعلى هذين الأصلين علَّقَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حصولَ المغفرة لمن صام وقام في رمضان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ومَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).(14)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ). (15)

فلا قبولَ للأعمال ولا رِبْحَ ولا مغفرة إلا مع صدق النية والاحتساب، قال ابن بطال: هذا الحديث دليل بَيِّنٌ أنَّ الأعمال الصالحة لا تَزْكُو ولا تُتَقبَّلَ إلا مع الاحتساب وصِدْقِ النيات. (16)

ومعنى الإيمان والاحتساب كما قال ابن الجوزي: أي تصديقا بالمعبود الآمر له، وعلما بفضيلة القيام ووجوب الصيام، وخوفا من عقاب تركه، ومحتسبا جزيل أجره. (17)

ولْيَحذر الذين يستثقلون صيام رمضان ويستطيلون أيامه، قال الخطابي: احتسابا: أي عزيمةً وهو أنْ يصومَه على معْنَى الرغبةِ في ثوابهِ طيبةً نفسُه بذلك غيرَ مُسْتَثقِلٍ لصيامِه ولا مُستَطيلٍ لأيَّامِه. (18)

وقال المناوي: ينبغي الإتيان ( بالأعمال في رمضان ) بنيةٍ خالصة وطَوِيةٍ صافية، امتثالا لأمر الله واتكالا على وعده من غير كراهية ومِلالة لما يُصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة الكف عن قضاء الوطر؛ بل يحتسب النصب والتعب في طول أيامه ولا يتمنى سرعة انصرامه، فإذا لم يفعل ذلك فرُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش. (19)

وليحذر الذين يصومون لمجرد العادة، قال ابن القيم في معنى الإيمان والاحتساب: أن يقوم العبدُ  بالطاعة لأجل أن الله أمَرَ بها وأحبَّها، لا لمجرد العادة، كما قال طلق بن حبيب في التقوى: هي العمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله؛ وهذا هو الإيمان والاحتساب. (20)

5- الرابحون في رمضان: هم المتقنون لأعمالهم المحسنون فيها

قال وهيب بن الورد: لا يكنْ هَمُّ أحدِكم في كثرةِ العملِ، ولكنْ لِيكُنْ هَمُّه في إحْكامه وتَحسينه، فإنَّ العبدَ قدْ يُصلي وهو يَعصي اللهَ في صلاته، وقد يَصوم وهو يَعصي الله في صيامه. (21)

وقال ابن رجب: كان السلفُ يوصونَ بإتقانِ العملِ وتحسينِهِ دون مجردِ الإكثار منه، فإنّ العملَ القليلَ مع التحسينِ والإتقانِ أفضلُ من الكثيرِ مع عدمِ الإتقانِ. (22)

وقال ابن القيم: إن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورةُ العملين واحدة، وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض، والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدا، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض. (23)

ومما يؤكد ذلك المعنى حديث عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ تُسْعُهَا ثُمْنُهَا سُبْعُهَا سُدْسُهَا خُمْسُهَا رُبْعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا ). (24)

قال ابن الجوزي: فمَنْ عَمِلَ بالظاهر المُعتاد، وأهْمَلَ الباطنَ المراد، فليس هو من أُولي الألباب، ولا ممن حصَّل الثواب. (25)

ووردت الأحاديث تؤكد هذا المعنى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِكُمْ )؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ( خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا، وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالاً ). (26)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: ( مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ ). (27)

وعن عُثْمَانَ بنِ عفان -رضي الله عنه- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ). (28)

فإذا وقع العمل على الوجه الشرعي واستوفى شروطه وأركانه وخشوعه، فعندئذ يُرجى أن يكتب لصاحبه عظيم الأجر وجزيل الثواب، وأعظم الثواب المترتب على الأعمال المتقنة أن يُوفق الله صاحبها إلى أمثالها من الأعمال الصالحة، فثوابُ الحسنة الحسنةُ بعدها

قال بعض السلف: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها: اعملني أيضا، فإذا عملها، قالت الثالثة كذلك وهلم جرا، فتضاعف الربح، وتزايدت الحسنات. . . . فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه، وضاقت عليه الأرض بما رَحُبت، وأحسَّ من نفسه بأنه كالحوت إذا فارق الماء، حتى يعاودها، فتسكن نفسه، وتقر عينه. (29)

قال ابن رجب: إن الله إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده، فمن عمل حسنة ثم اتبعها بعد بحسنة كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى كما أن من عمل حسنة ثم اتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها. (30)

6- الرابحون في رمضان: هم الذين يحافظون على حسناتهم مما يذهبها

قال ابن القيم: ليس الشأنُ في العمل، إنما الشأنُ في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه. (31)

وتأمل هذا الحديث بعين بصيرتك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلاَنَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ( لَا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ من أهل النار )، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلاَنَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلاَتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ(32)، وَلاَ تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ( هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ). (33)

قال ابن القيم: إنَّ العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها.(34)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ ). (35)

قال المناوي: يعنى أنه لا ثواب فيه لفقد شرط حصوله وهو الإخلاص أو الخشوع، أو المراد لا يثاب إلا على ما عمل بقلبه. (36)

قال ابن رجب: وسرُّ هذا: أنَّ التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يَكْمُل إلا بعدَ التَّقربِ إليه بتركِ المحرماتِ، فمَنْ ارتكبَ المحرمات ثم تقرَّب إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابةِ مَنْ يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل. (37)

إذا لم يكنْ في السَّمع مِني تصاوُنٌ            وفي بصري غَضٌّ، وفي منطقي صمتُ

فحظِّي إذًا من صومي الجوعُ والظمأُ       فإن قلتُ: إني صمتُ يومي فما صمتُ(38)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ، أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ).(39)

 وأخسرُ الناس صفقةً من يبذل الوقت والجهد في عمل الطاعات، فإذا خلا عن أعين الناس استهان بنظر الله وتجرأ على محارمه، عَنْ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: ( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا )، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: ( أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ). (40)

قال ابن حجر الهيتمي وهو يذكر أنواع الكبائر: الكبيرة السادسة والخمسون بعد الثلاثمائة: إظهارُ زِيِّ الصالحين في الملأ وانتهاك المحارم ولو صغائر في الخلوة. (41)

قَالَ ابْن الأعرابي: أخسرُ الخاسرين مَن أبدى لِلنَّاسِ صَالِح أعماله، وبارز بالقبيح مَن هُوَ أقرب إِلَيْهِ من حبل الوريد. (42)

وَإِذَا خَلَوْتَ بِريبَةٍ في ظُلْمَةٍ. . . والنَّفْسُ داعِيَةٌ إلى الطُّغيان

فاستحي مِن نَظَر الإله وقُلْ لَهَا. . . إنَّ الَّذي خَلَقَ الظَّلامَ يَرَانِي

 يقول يحيى بن معاذ: أعمالك كالسراب، وقلبك من التقوى خراب، وذنوبك بعدد الرمل والتراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب؟ وفي القرب من الملك الوهاب؟ وفي النجاة من العذاب؟ هيهات، أنت سكران بغير شراب. (43)

7- الرابحون في رمضان: هم المحافظون على أوقاتهم المتيقظون لشرف زمانهم

فأوقات المسلم غالية جدا وخاصة في المواسم التي تضاعف فيها الحسنات وترفع فيها الدرجات، قال ابن القيم: إذا أراد الله بالعبد خيرا: أعانه بالوقت. وجعل وقته مساعدا له. وإذا أراد به شرا: جعل وقته عليه، فكلما أراد التأهب للمسير: لم يساعده الوقت. والأول: كلما همَّتْ نفسه بالقعود أقامه الوقت وساعده. (44)

ومن أعظم ما يعين المسلم على استغلال وقته أن ينظر في سير السلف الأبطال الذين علموا مَن بعدهم قيمةَ كل نَفَس من الأنفاس، فلهم مع أوقاتهم أحوال تعجز عن وصفها الأقوال

وإليك بعض الصور

هذا رجل يتنافس مع الملائكة، إنه أويس القرني، اسمع ماذا قال: لأعبدنَّ اللهَ في الأرضِ كما تعبده الملائكة في السماء. (45)

كان أويس القرني إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع فيركع حتى يصبح، وكان يقول إذا أمسى: هذه ليلة السجود فيسجد حتى يصبح، وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول: اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به. (46)

وهذا أبو مسلم الخولاني

رجلٌ يقول عن نفسه: لو رأيتُ الجنة عيانًا ما كان عندي مستزاد، ولو رأيت النار عيانًا ما كان عندي مستزاد. (47)

وكان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطا في مسجد بيته يخوف به نفسه وكان يقول لنفسه: قومي فوالله لأزحفن بك زحفا حتى يكون الكلل منك لا منى! فإذا دخلت الفترة تناول سوطه وضرب به ساقه ويقول: أنت أولى بالضرب من دابتي! وكان يقول: أيظن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يستأثروا به دوننا كلا والله لنزاحمهم عليه زحاما حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالا. (48)

وهذا سليمان التيمي

رجلٌ شغل أوقاته بالطاعات فلم يَبقَ فيها مكان للمعاصي والمخالفات، عن حماد بن سلمة قال: ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يُطاع الله عزَّ وجل فيها إلاَّ وجدناه مطيعًا، إن كان في ساعة صلاة وجدناه مصليًا، وإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إمَّا متوضئًا، أو عائدًا، أو مشيعًا لجنازة، أو قاعدًا في المسجد، قال: فكنا نرى أنه لا يحسن يعصي الله عز وجل. (49)

وهذا حماد بن سلمة

رجلٌ بأعمال البِرِّ مشغول وعن المعصية معزول، والمشغول لا يُشْغل، قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غدا ما قدر أن يزيد في العمل شيئا. (50)

قال عفان بن مسلم: قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة، لكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير، وقراءة القرآن، والعمل لله -تعالى- منه.

قال موسى بن إسماعيل التبوذكي: لو قلت لكم: إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا، لصدقت، كان مشغولا، إما أن يحدث، أو يقرأ، أو يسبح، أو يصلي، قد قسم النهار على ذلك. (51)

وهذا أبو حنيفة النعمان

قال أبو الجويرية: لقد صَحِبْتُ أبا حنيفة ستةَ أشهرٍ فما فيها ليلةٌ وضعَ جنْبَه على الأرض. وكان أبو حنيفة يُحيي نصفَ الليلِ فمرَّ بقومٍ فقالوا: إن هذا يُحيي الليلَ كلَّه. فقال: إني أستحي أن أُوصف بما لا أفعل، فكان بعد ذلك يحيى الليل كله. (52)

أما القرآن فلهم معه أحوال عجيبة

فقد كان مالك إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.

وكان سفيان الثوري: إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن. (53)

وقال الربيع بن سليمان  عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة. سوى ما يقرأ في الصلاة.(54)

قال مُسبح بن سعيد: كان البخاريُّ يختم في رمضان كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاثة ليال بختمة. (55)

وهذا الحافظ ابن عساكر قال ابنه القاسم أبو محمد الحافظ: كان أبي مواظبا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم في كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، وكان كثير النوافل والأذكار. (56)

وهذا زهير بن محمد المروزي، قال عنه أبو القاسم البغوي: ما رأيتُ بعد أحمد بن حنبل أفضل منه، وقال عنه ابنه محمد بن زهير: كان أبي يختم في رمضان تسعين ختمة. (57)

والأعجب من ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمة مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي قال: كَانَ حسن الصَّلَاة جدا وَكَانَ يخْتم فِي رَمَضَان مائَة ختمة. (58)

قال ابن رجب: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان. (59)

قال ابن الجوزي: إخواني: هذا شهر التيقظ، هذا أوان التحفظ، إخواني بين أيديكم سفر، والأعمار فيها قصر، وكلكم والله على خطر، كونوا على خوف من القدر، واعرفوا قَدْرَ مَن قَدَرَ. (60)

يا من يرجو مقام الصالحين، وهو مقيم مع الغافلين، ويأمل منازل المقربين، وهو ينزل مع المذنين، دع هذا الواقع. الصدقَ الصدقَ فيه تسلم، الجِدَ الجِدَ فيه تغنم، البدارَ البدارَ قبل أن تندم، هذا هو الدواء النافع {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}. (61)

فالبِدَارَ البِدَارَ إلى الفضائلِ، والحِذَار الحِذَار مِنَ الرَّذائلِ، فإنَّما هيَ أيامٌ قَلائِلُ(62)

8- الرابحون في رمضان  هم: المنكسرون  المفتقرون لله الطالبون لعفو ه

قال ابن رجب: المؤمن يجتهد في شهر رمضان في صيامه وقيامه فإذا قرب فراغه وصادف ليلة القدر لم يسأل الله تعالى إلا العفو كالمسيء المقصر. . . فمَنْ عَظُمَتْ ذُنوبُه في نفسه لم يطمع في الرضا وكان غاية أمله أن يطمع في العفو، ومَنْ كَمُلَتْ مَعرفتُه لم يَرَ نفسَه إلا في هذه المنزلة.

 وكان صلة بن أشيم يحيي الليل ثم يقول في دعائه عند السَّحَر: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ومثلي لا يجترئ أن يسألك الجنة!.

 كان مطرف بن عبد الله  يقول: اللهم ارْضَ عنَّا فإنْ لم تَرْضَ عنَّا فاعْفُ عَنَّا.

قال يحيى بن معاذ: ليس بعارفٍ مَن لم يكنْ غايةَ أملِه مِن اللهِ العفوُ.

إنْ كنتُ لا أصْلُحُ للقُرْبِ. . . فشأْنُكُم عفوٌ عن الذَّنْب(63)

قال ابن رجب: كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده وهؤلاء الذين: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]

وكان علي -رضي الله عنه- يقول: كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]

وعن فضالة بن عبيد قال: لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]

 قال مالك بن دينار: الخوف على العمل أن لا يتقبل أشد من العمل.

 وقال عطاء السلمي: الحذر الاتقاء على العمل أن لا يكون لله.

 وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهمُّ أَيُقبل منهم أم لا. (64)

قال يحيى بن معاذ: لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه لم يَبْتَلِ بالذنب أكرمَ الناس عليه.

يشير إلى أنه ابتلى كثيرا من أوليائه وأحبابه بشيء من الذنوب ليعاملهم بالعفو فإنه يحب العفو. (65)

وكان بعضُ السلف إذا صلى صلاةً استغفر مِن تقصيره فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه.

فإذا كان هذا حالُ المحسنين في عباداتهم فكيف حالُ المسيئين مثلنا في عباداتهم؟!

فاللهم ارحمْ مَن حسناتُه كلُّها سيئات وطاعاته كلها غفلات. (66)

---

(1) تفسير ابن رجب الحنبلي (1/ 532)

(2) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 210)

(3) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148)

(4) بدائع الفوائد (3/ 180)

(5) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 147)

(6) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 135)

(7) أسرار المحبين في رمضان (ص: 44)

(8) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148)

(9) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148)

(10) حلية الأولياء (8/ 349)

(11) الزهد الكبير للبيهقي (ص: 194)

(12) رواه الترمذي (682) وابن ماجه (1642) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (1/ 611)

(13) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148)

(14) رواه البخاري (1901) ومسلم (760)

(15) رواه البخاري (2009) ومسلم (759)

(16) شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 21)

(17) كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 376)

(18) فتح الباري لابن حجر (4/ 115)

(19) فيض القدير (6/ 160) بتصرف

(20) مدارج السالكين (1/ 459)

(21) حلية الأولياء (8/ 153) وصفة الصفوة (1/ 422)

(22) تفسير ابن رجب الحنبلي (1/ 423)

(23) مدارج السالكين (1/ 340)

(24) رواه أحمد (4/ 321) وأبو داود (796) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/ 335) وصححه الأرنؤوط في تحقيق المسند (31/ 189)

(25) التذكرة في الوعظ (ص: 229) بزيادة

(26) رواه أحمد (2/ 235) وصححه لغيره الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 312)

(27) رواه الترمذي (2329) صححه الألباني في مشكاة المصابيح (2/ 702)

(28) رواه مسلم (228)

(29) الداء والدواء (ص: 56)

(30) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 221)

(31) الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 11)

(32) الأَثْوَار: جمع ثَور، وهو القطعة من الأَقِط، وهو الجبن المجفف الذي يُتخذ من مخيض لبن الغنم.

(33) رواه أحمد (2/ 440) والبخاري في الأدب المفرد (119) وصححه الألباني في الصحيحة (1/ 369)

(34) الداء والدواء (ص: 161)

(35) رواه أحمد (2/ 373) وابن ماجه (1690) وصححه الألباني في صحيح الجامع(1/ 656)

(36) فيض القدير (4/ 16)

(37) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 155)

(38) وظائف رمضان لابن رجب (ص: 21)

(39) رواه ابن خزيمة (1996) وابن حبان (3479) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 625)

(40) رواه ابن ماجه (4245) والروياني في مسنده (651) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 897)

(41) الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 209)

(42) الرسالة القشيرية (1/ 132)

(43) صفة الصفوة (2/ 292)

(44) مدارج السالكين (3/ 125)

(45) تاريخ دمشق لابن عساكر (9/ 443)

(46) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 87)

(47) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 127)

(48) إحياء علوم الدين (4/ 411)

(49) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 28)

(50) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 250)

(51) سير أعلام النبلاء ط الرسالة (7/ 447)

(52) إحياء علوم الدين (1/ 355)

(53) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 171)

(54) تاريخ الإسلام (7/ 803)

(55) تاريخ الإسلام (6/ 154)

(56) تاريخ الإسلام ت بشار (12/ 497)

(57) تذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 102)

(58) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (5/ 449)

(59) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 171)

(60) التبصرة لابن الجوزي (2/ 77)

(61) التبصرة لابن الجوزي (2/ 301)

(62) التبصرة لابن الجوزي (1/ 104)

(63) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 215)

(64) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 209)

(65) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 205)

(66) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 215)